<< العودة English

الغوص في أعماق البيانات: كيف تساعدنا الإلكترونيات في استكشاف المحيطات؟

هل تساءلت يومًا عن الحياة الغامضة التي تخفيها أعماق المحيطات؟ تخيل عالمًا مظلمًا باردًا، مليئًا بالكائنات الغريبة التي لم نرَها بعد، عالمًا غنيًا بالأسرار والمعلومات التي لم تُكتشف بعد. تُشكل المحيطات 71% من سطح الأرض، وإلى حدٍ كبير، لا تزال هذه المساحة الواسعة غير مُستكشفة. ولكن بفضل التطور الهائل في مجال الإلكترونيات والذكاء الاصطناعي، أصبحنا قادرين على "غوص" في أعماق البيانات، وفكّ رموزها للكشف عن أسرار هذا العالم الغامض.

تُعدّ شبكات "المراقبة البيئية" (Environmental Monitoring Networks) بمثابة سفن فضائية صغيرة تُرسل إلى أعماق المحيطات. هذه الشبكات مزودة بأجهزة استشعار تُرسل بيانات غنية عن درجة الحرارة، والملوحة، والأوكسجين المُذاب، وحتى سلوك الكائنات البحرية. لا تتوقف وظيفتها عند هذا الحد! فمع تطور تكنولوجيا "إنترنت الأشياء" (Internet of Things) ، أصبح بإمكاننا مراقبة وتحليل البيانات من مختلف أجزاء المحيطات في الوقت الفعلي.

تخيل معي: فريقًا من الباحثين يجلس في "مركز التحكم" ، يشاهدون على شاشاتهم حركة أسراب من السردين في شعاب مرجانية بعيدة ، ويسجلون درجة حرارة الماء حول بحار القطب الشمالي ، ويراقبون تأثير موجات التسونامي على شواطئ المحيط الهادئ ، كل ذلك بفضل البيانات التي تُرسلها شبكات المراقبة البيئية.

ولكن كيف نُفسر هذه الكميات الهائلة من البيانات؟ هنا يأتي دور الذكاء الاصطناعي ، وتحديدًا التعلم الآلي (Machine Learning). يُمكننا "تدريب" الخوارزميات على تحليل هذه البيانات المُجمعة ، والكشف عن أنماط وتوقعات مُتعلقة بالتغيرات في بيئة المحيطات ، وحتى تحديد مواقع الأسماك ، والتنبؤ بموجات التسونامي .

"فكّ رموز" البيانات

تخيل أنّ هذه البيانات هي لغة غريبة ، وأنّ الخوارزميات هي مُترجم للغة هذه البيانات . فمثلاً ، يُمكن لتقنية "الشبكات العصبونية" (Neural Networks) أن تُفسر الصور التي تُلتقط من كاميرات متصلة بشبكات المراقبة ، والتعرف على أنواع الكائنات البحرية ، وتحديد حالتها الصحية .

هل تذكر "مُتتبع الأسماك" في فيلم "بحث عن نيمو"؟ ربما تكون هذه التقنية قريبة من الواقع . يُمكن لخوارزميات التعلم الآلي أن تُساعد في "تعقب" أسماك معينة ، والتنبؤ بأماكن تواجدها ، وذلك لخدمة صناعة الصيد المستدام .

"رحلة" نحو مستقبل أفضل

تُعدّ هذه التكنولوجيا نهضة حقيقية ، فقد أصبحت تُساعدنا في فهم وتحليل محيطاتنا بشكل أفضل . وذلك لا يتوقف عند الكشف عن الأسرار الخفية في أعماقها ، بل يُساهم في حماية وتنمية هذه النظام البيئي الهام .

هل يُمكننا استخدام هذه التكنولوجيا لحماية المحيطات من التلوث ؟ هل يُمكننا استخدامها للحفاظ على التنوع البيولوجي ؟

لا تُقلق ! هذه الأسئلة تُشكل محور أبحاث كثير ، وهي تُفتح أبواب مستقبل واعد ، مستقبل يُمكن أن نُشكل فيه علاقة جديدة مع محيطاتنا .

هل أنت جاهز للمشاركة في هذه الرحلة؟

تابعنا لمزيد من المقالات عن الذكاء الاصطناعي و تطبيقاته في مختلف مجالات الحياة .