تخيل لو أنّك تجلس في غرفةٍ مكتظةٍ بأصواتٍ مختلطةٍ، كلّ صوتٍ يُغرّدُ بصوتٍ عالٍ، من همسِ الهمسِ إلى صراخِ المُشاجراتِ. كيفَ يمكنكَ تمييزَ صوتٍ واحدٍ من بينِ كلّ هذهِ الفوضى؟
هذا هو تحديّ "التعرّف على الصوت". تخيل الآن أنّكَ تُفَوّضُ حاسوبًا بهذهِ المهمةِ الصعبةِ! لكنّ كيفَ يمكنُ للحاسوبِ أنْ يفهمَ لغةَ الصوتِ التي نحنُ نستطيعُ فهمها بسهولةِ؟
هنا يأتي دورُ "هندسة الحاسوبِ التليةِ"، التي تُشبهُ الجسرَ بينَ العالمِ الماديّ والعالمِ الرقميّ. وتُعتبرُ برمجياتُ التعرّف على الصوتِ من أهمّ التطبيقاتِ التي تُسلّطُ الضوءَ على قدراتِ هذهِ الهندسةِ المذهلةِ.
تُشبهُ عمليةُ التعرّف على الصوتِ رحلةَ غامضةٍ يمرّ خلالها الصوتُ بمجموعةٍ منَ المراحلِ الأساسيةِ، كلّ مرحلةٍ تُشكّلُ جزءًا هامًا في رحلةِ الفهمِ والتعرّف:
التسجيل: تُستخدمُ المُكبّراتُ الصوتيةُ لتحويلِ الصوتِ إلى إشاراتٍ كهربائيةٍ.
المعالجة: تُحوّلُ البرمجياتُ هذهِ الإشاراتِ إلى نماذجٍ رقميةٍ للحاسوبِ لِيفهمها.
الاستخراج: تُستخرجُ الخصائصُ الأساسيةُ من النماذجِ الرقميةِ، مثلَ الترددِ والنغمةِ وشدةِ الصوتِ.
التعرّف: تُقارَنُ هذهِ الخصائصُ بِقاعدةِ بياناتٍ ضخمةٍ تحتوي على أمثلةٍ للأصواتِ المُختلفةِ.
الناتج: يُنتِجُ الحاسوبُ نتيجةَ التعرّفِ، مثلَ اسمِ الشخصِ الذي تحدّثَ أو اللغةِ التي تُكلم بها.
لا تخلو رحلةُ التعرّفِ على الصوتِ منَ التحدّياتِ، فالعالمُ مليءٌ بالصوتِ، وكلّ صوتٍ لهُ خصائصُهُ الفريدةُ، وتُضافُ إلى هذهِ التحدّياتِ العواملُ المُؤثّرةُ على الصوتِ مثلَ الضوضاءِ واللهجةِ وحتى مشاعرِ المُتحدّثِ.
تُركزُ جهودُ المُطوّرينَ على حلّ هذهِ التحدّياتِ من خلالِ طرقٍ مُختلفةٍ:
بياناتٌ ضخمةٌ: تُستخدمُ البياناتُ الضخمةُ لتدريبِ الأنظمةِ على التعرّفِ على أكبرِ عددٍ ممكنٍ منَ الأصواتِ والمُتحدّثينَ والمُختلفةِ.
التعلّمُ الأعمق: تُستخدَمُ الخوارزمياتُ القائمةُ على التعلّمِ الأعمقِ لتحسينِ دقةِ التعرّفِ على الصوتِ من خلالِ التعرّفِ على الأنماطِ المُعقدةِ في الصوتِ.
المُعالجةُ اللغويةُ: تُدمجُ تقنياتُ المُعالجةِ اللغويةِ في أنظمةِ التعرّفِ على الصوتِ لِتُساعدَ في فهمِ المعنى والمُحتوى من خلالِ تحليلِ الكلماتِ والجملِ.
التقنيةُ الشبكيةُ: تُساهمُ التقنيةُ الشبكيةُ في تحسينِ دقةِ التعرّفِ على الصوتِ في البيئاتِ المُختلطةِ الصوتِ من خلالِ التعرّفِ على مواقعِ الأصواتِ والتعرّفِ على الأنماطِ اللغويةِ.
تُستخدمُ برمجياتُ التعرّفِ على الصوتِ في عدّةِ مجالاتٍ مثلَ:
التعرّفُ على اللغةِ: تُساعدُ برمجياتُ التعرّفِ على اللغةِ في ترجمةِ اللغاتِ وتحويلِ النصِ إلى صوتٍ والعكسِ.
الأوامرُ الصوتيةُ: تُستخدمُ برمجياتُ التعرّفِ على الصوتِ في التفاعلِ معَ الأجهزةِ من خلالِ الأوامرِ الصوتيةِ مثلَ "أليكسا" و"سيري".
البحثُ الصوتيّ: تُساعدُ برمجياتُ التعرّفِ على الصوتِ في البحثِ عنِ الموسيقى والكتبِ الصوتيةِ والأفلامِ من خلالِ تحديدِ النغمةِ أو المُتحدّثِ.
الأمنُ والرّقابةُ: تُستخدمُ برمجياتُ التعرّفِ على الصوتِ في تحديدِ هويةِ الأشخاصِ وتتبعِ حركةِ المُشتبهِ فيهمِ.
يُتوقعُ أنْ تُصبحَ برمجياتُ التعرّفِ على الصوتِ أكثرَ دقةً وفعاليةً في المستقبلِ، معَ تطويرِ الخوارزمياتِ والتقنياتِ المُستحدثةِ وتوافرِ بياناتٍ ضخمةٍ لتدريبِ الأنظمةِ.
تُعدّ برمجياتُ التعرّفِ على الصوتِ أحدَ أهمّ تقنياتِ العصرِ، وتُساهمُ في تغييرِ طريقةِ تفاعلِنا معَ العالمِ المُحيطِ بنا. لا تقتصرُ أهميتها على الراحةِ والتسهيلِ فحسب، بل تُقدمُ حلولًا للعديدِ منَ المُشكلاتِ المُعقدةِ في مُختلفِ مجالاتِ الحياةِ.
هل تُريدُ أنْ تُصبحَ جزءًا منَ هذهِ الثورةِ؟ تعلّمَ المزيدَ عنَ هندسةِ الحاسوبِ التليةِ وِشاركَ في تطويرِ أنظمةِ التعرّفِ على الصوتِ لِخلقِ عالمٍ أكثرَ ذكاءً وفعاليةً.
© 2020 All Rights Reserved. Information Network