تخيّل عالمًا تُحاكي فيه الحواسيب تفكير البشر، تتعلم من أخطائها، وتتكيف مع ظروف جديدة، تمامًا كما نفعل نحن. هل هذا مجرد خيال علمي؟ أم أننا على أعتاب ثورةٍ تقنيةٍ ستغيّر وجه الحياة كما نعرفها؟
الإجابة تكمن في الشبكات العصبية الاصطناعية، وهي تقنية تُلهمها البيولوجيا البشرية وتُمكن الحواسيب من "التعلم" من خلال محاكاة بنية الدماغ البشري.
لكن كيف تعمل هذه الشبكات؟
تتكون الشبكة العصبية الاصطناعية من مجموعة من "العُقد" (Nodes) تتصل مع بعضها البعض من خلال "الوصلات" (Connections).
فكر في ذلك كشبكة من الغرف، تُمثّل كل غرفة عُقدة، وكل باب بين الغرف يُمثّل وصلة.
تُمرّر المعلومات في الشبكة عبر هذه الوصلات، وتُضاعف أو تُخفّف قوتها اعتمادًا على وزن كل وصلة.
والوزن، كما لو كان مفتاحًا، يُحدد مدى تأثير المعلومات المُمرّرة.
و "التعلّم" في هذا السياق هو ببساطة ضبط أوزان الوصلات بين العُقد ليُصبح سلوك الشبكة أكثر دقة وتوافقًا مع البيانات التي يتم تدريبها عليها.
مثلاً، لِتدريب شبكة عصبية على التعرف على القطط في الصور، تُعطيها مجموعة كبيرة من الصور، مع تحديد القطط فيها.
تُمرّر الشبكة كل صورة عبر العُقد وتُقارن خروجاتها مع التحديد المُعطى.
وكلما كانت الناتج قريبًا من التحديد الصحيح، تُحسّن أوزان الوصلات لزيادة دقة التعرف.
بمرور الوقت، تتعلم الشبكة التعرف على القطط من خلال ملاحظة الأنماط والاختلافات في صور القطط.
لكن مُجرد فهم العملية لا يُكفي!
يُمكن لفهم العملية أن يُصبح أكثر وضوحًا من خلال استخدام شفرة برمجية.
ففي لغة بايثون، يمكن بناء شبكة عصبية بسيطة لِالتعرف على الأرقام من خلال استخدام مكتبة TensorFlow، والتي تُسهّل من عملية إنشاء و تدريب الشبكات العصبية .
import tensorflow as tf
# تحديد نموذج الشبكة العصبية
model = tf.keras.models.Sequential([
tf.keras.layers.Flatten(input_shape=(28, 28)),
tf.keras.layers.Dense(128, activation='relu'),
tf.keras.layers.Dense(10)
])
# اختيار دالة التفعيل
model.compile(optimizer='adam',
loss=tf.keras.losses.SparseCategoricalCrossentropy(from_logits=True),
metrics=['accuracy'])
# تدريب النموذج
model.fit(x_train, y_train, epochs=10)
# تقييم النموذج
model.evaluate(x_test, y_test, verbose=2)
هذه الشفرة تُمثل شرحًا مُبسطًا لكيفية بناء و تدريب شبكة عصبية بسيطة لِالتعرف على الأرقام.
وتُظهر بِوضوح كيف يمكن للشبكة التعلم من الأخطاء و تحسين أداؤها بِمرور الوقت.
لكن ما هي إمكانيات هذه التقنية؟
تُستخدم الشبكات العصبية الاصطناعية في مجموعة واسعة من التطبيقات التقنية، من الترجمة الأوتوماتيكية إلى القيادة الذاتية.
كما تُستخدم في مجالات الطب و التجارة و الترفيه.
وهي تُمثل خطوة هامّة في مسيرة التطور التقني وتُفتح أبواب أخرى لفهم الذكاء و التفاعل مع العالم من منظور جديد.
فهل ستُصبح الحواسيب أذكى من البشر؟
لا يُمكن التنبؤ بِذلك بِشكل مؤكد.
لكن من المؤكد أن الشبكات العصبية الاصطناعية تُقدم إمكانيات هائلة لتغيير حياتنا و جعل العالم أكثر ذكاءً وتطورًا.
© 2020 All Rights Reserved. Information Network